فضل العلماء
- العلماء لهم منزلة كبيرة وعظيمة بين الناس ودرجة رفيعة بينهم في الدنيا والآخرة، وهنا دليل من القرآن الكريم على فضلهم بين الناس.
- كما يقول الله سبحانه وتعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
- علاوة على العلماء لهم صفات جميلة يكتسبوها من خلال تحصيلهم للعلم، وأبرز تلك الصفات هي خشية الله سبحانه وتعالى.
- كما ورد في قول الله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)، فهم على بصيرة كبرى بأمور الدين والدنيا.
- وهذا مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يصفهم بورثة الأنبياء.
- فعند وفاة العلماء فكأن المجتمع وقع في مصيبة؛ لأن بذلك قد يقل العلم أو يختفي وتقل عزيمة الناس ويقل الإيمان بين أفراد المجتمع.
- ولكن الله يحفظ هذه الأمة ويجعل العلماء بها على مختلف العصور، فالكثير منا يخاف موت العلماء خشية انقباض العلم.
- وهذا حديث شريف حيث روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- أنه قال: (إنَّ اللهَ لا ينزِعُ العِلمَ مِن النَّاسِ انتزاعًا ينتزِعُه منهم بعدَ إذ أعطاهموه ولكِنْ بقَبْضِ العلماءِ.
- فإذا لَمْ يَبْقَ عالِمٌ اتَّخَذ النَّاسُ رُؤساءَ جُهَّالًا يستفتونَهم فيُفتُونَ بغيرِ عِلمٍ فيَضِلُّونَ ويُضِلُّونَ).
وقد قيل:
- يا أيها الرجل المعلم غيره
- هلا لنفسك كان ذا التعليم
- نصف الدواء لذي السقام وذي الضنى
- كيما يصح به وأنت سقيم
- ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
- فإذا انتهت عنه، فأنت حكيم
- فهناك تعذر إن وعظت ويقتدى
- بالقول منك، ويقبل التعليم
- لا تنه عن خلق وتأتى مثله
- عار عليك إذا فعلت عظيم
فضل العلم
- العلم لغة مشتق من الجذر اللغوي لكلمة علم، فالعين واللام والميم أصل يدل على الأثر في الشيء الذي يتميز عن غيره.
- ومنه أيضاً علّم الرجل علامة على الشيء فيعني أنه ترك فيه أثراً، فالعلم نقيض الجهل.
- فالعلماء هم حملة العلم والذين يبلغوه للناس وينشرونه بينهم.
- كما كان الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده يدركون فضل العلم، وأنه ميراث النبوة على الأرض.
- كذلك أفضل من يرث ذلك هم العلماء، فكان الصحابة يتبادلون الحضور في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حتى يتعلموا أمور دينهم.
- فروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مر بسوق المدينة فوقف عليها فقال:
- (يا أهل السوق ما أعجزكم؟ قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم ههنا ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه.
- فقالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد، فخرجوا سراعا وانتظرهم أبو هريرة حتى رجعوا فقال لهم: ما لكم؟.
- كما قالوا: يا أبا هريرة فقد أتينا المسجد فلم نر فيه شيئاً يقسم، فقال: وما رأيتم في المسجد أحداً؟ قالوا: بلى، رأينا قوما يصلون وقوما يقرؤون القرآن وقوماً يتذاكرون الحلال والحرام.
- فقال: ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم).
- وأيضاً قال الحسن: رأيت أقواماً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: من عمل بغير علم كأنما يفسده أكثر مما يصلحه.
- والعامل بغير علم كالسائر على غير طريق، فاطلبوا العلم طلباً لا يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلباً لا يضر بالعلم.
معنى حديث العلماء ورثة الأنبياء
- فقال أبو حاتم بن حبان رضي الله عنه: (في هذا الحديث بيان واضح إن العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا هم الذين يعلمون علم النبي.
- صلى الله عليه وسلم دون غيره من سائر العلوم، ألا تراه يقول: (العلماء ورثة الأنبياء)، والأنبياء لم يورثوا إلا العلم.
- وعلم نبينا صلى الله عليه وسلم، هو سنته، فمن تعرى عن معرفتها؛ لم يكن من ورثة الأنبياء).
- كما قال ابن القيم رحمه الله: في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم).
- فقال: هذا من كمال الأنبياء وعظم نصحهم للأمم وتمام نعمة الله عليهم وعلى أمم هم أن أزاح جميع العلل.
- وحسم جميع المواد التي توهم بعض النفوس إن الأنبياء من جنس الملوك الذين يريدون الدنيا وملكها، فحماهم الله سبحانه وتعالى من ذلك.
- وأما قول الله سبحانه وتعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) فيعتقد الكثير إن الميراث من وجهة نظرهم هو ميراث المال والأملاك.
- ولكن هنا الميراث هو ميراث العلم والنبوة ولا شيء آخر غيرهم، والذي يوضح ذلك أن سيدنا داوود له الكثير من الأبناء غير سيدنا سليمان.
- فلو كان الميراث مالاً ما كان اختص سيدنا داوود بالميراث لسيدنا سليمان فقط.
الدليل من القرآن الكريم
- والدليل من القرآن الكريم على ميراث النبوة والعلم لسيدنا سليمان في قول الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً.
- ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) في سورة النمل.
- وذلك لبيان فضل سيدنا داوود وسيدنا سليمان.
- ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) في سورة النمل.
- وكذلك قول الله تعالى على لسان سيدنا زكريا عليه السلام: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً.
- فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً) في سورة مريم، فذلك دليل على ميراث الدعوة إلى الله والنبوة والعلم.
- فطلبه هنا ولداً يرثه فيريد أن يورثه العلم والنبوة وليس المال كما يعتقد البعض.