سبب بناء صومعة حسان
عناصر المحتوي
مقالات قد تهمك
اهم اهداف بناء صومعة حسان بناء تُعَدّ صومعة حسّان واحدة من أشهر الأبنية التاريخيّة، والمعالم السياحيّة في المغرب، حيث يَقصدُها السيّاح المحلّيون، والأجانب؛ إذ إنَّها شُيِّدت في وسط مدينة الرباط منذ حوالي تسعة قرون من الزمان، وهي من الآثار الشاهدة على دولة المُوحِّدين، وخليفتها يعقوب المنصور، كما أنَّها تُطلُّ على الضفّة الجنوبيّة لنهر الرقراق الذي يفصلُ بين مدينتَي الرباط، وسلا، بالقُرب من مَصبّه الرئيسيّ في المحيط الأطلسيّ، وتُحيطُ بالمكان عدّة أضرحة لرموز، وملوك المغرب، مثل: ضريح الملك محمد الخامس، والملك الحسن، وتُعتبَر صومعة حسان واجهةً حضاريّةً ودينيّة، ليس في المغرب فحسب، بل في العالَم العربيّ، والإسلاميّ.[١][٢]
بناء صومعة حسان
تمّ بناء صومعة حسّان في الفترة ما بين 1197م-1198م، وهي تُعَدُّ من المباني العريقة في عهد المُوحِّدين، إذ بُنِيَت بأمرٍ من السلطان يعقوب المنصور، وهو ثالث خلفاء المُوحّدين في المغرب، حيث تولّى الحُكم عام 1184م، بعد وفاة والده السلطان أبي يوسف المنصور، وامتدَّت إنجازات السلطان يعقوب المنصور من تونس حتى وصلت إلى إسبانيا، وسُمِّيَ عصره بالعهد الذهبي؛ فقد شُيِّد عدد كبير من المباني التاريخيّة الضخمة، مثل: مسجد الكتيبة في مدينة مراكش، وصومعة حسّان في مدينة الرباط، إلّا أنّه قد تُوفِّي قَبل أن يستكملَ أعمال بناء الصومعة عام 1199م.[٢]
صومعة حسّان، وضريح الملك محمد الخامس -الذي شُيِّد بأمرٍ من ابنه الملك الحسن الثاني- هما البناءان الوحيدان الموجودان في ساحة الرابية، حيث دُفِن فيما بعد أخوه الأمير عبدلله، ثمّ التحق بهم الملك الحسن الثاني، حتى بات الضريح يجمعُ ثلاثتهم على مَقرُبة من صومعة حسان، وبعدها توسَّعت الصومعة بأمرٍ من السلطان يعقوب، حتى أصبحت واحدة من الصومعات الثلاثة، إلى جانب الخيرالدا التي تقع في إشبيليّة، والكتبية التي تقع في مدينة مراكش، ثمّ أطلق على الصومعة اسم مسجد حسّان؛ وذلك نسبةً إلى قبيلة بني حسّان الذين كانوا يقطنون إقليم الرباط في ذلك الوقت.[٢]
الهدف من بناء صومعة حسان
أراد السلطان يعقوب المنصور المُوحّدي أن تكون مدينة الرباط مدينة كبيرة من أفخم المدن، وأعظمها في المغرب، وأن تنافس مدينة مراكش؛ لتكون العاصمة الجديدة من بَعدها، ولكي يُخلّد عهد الدولة المُوحّدية، شيَّدَ الصومعة، واهتمَّ بمرافقها، كما بنى عدّة مداخل وأسوار تُحيط بها، إلّا أنَّ المسجد لم يكتمل في عهد المُوحّدين؛ وذلك بسبب ما رآه السلطان يعقوب من عدم جاهزيّة مدينة الرباط في تلك الفترة، خاصّة أنّ الدولة المُوحّدية كانت مشغولة بحروب الأندلس، والمَدّ المسيحيّ فيها.[٢]
ومن الأسباب الأُخرى التي أدّت إلى عدم إكمال بناء المسجد، هي وفاة يعقوب المنصور عام 1199م، حيث لم يُكمله أيٌّ من السلاطين الذين تعاقبوا على الحُكم بعد وفاته؛ وذلك بسبب عدم حماسهم في ما يتعلَّق بمشروع بناء المسجد، كما أنَّ الدولة المُوحّدية تعرَّضت لأزمات وخلافات داخليّة، وقد أدّى ذلك إلى تراجُعها، ممّا سَهَّل الأمر أمام الدُّول الأُخرى التي تعاقَبت على الحُكم من بعد المُوحِّدين، ولم تهتمّ تلك الدُّول بإكمال بناء المسجد؛ وذلك لانشغالها ببناء مآثرها الخاصّة بها، وفي عام 1755م، ضَرَب زلزالٌ البلادَ، وامتدَّ ليشمل منطقة الرباط، فأدّى إلى تَحطيم أجزاء من مسجد حسّان، واندثارها.[٣]
النَّمَط الهندسيّ لصومعة حسان
تتَّخذُ الصومعة الشكل المُربَّع، ويبلغ ارتفاعها نحو 44 متراً، ولها درجٌ داخليّ مُلتوٍ، يساعد على تسهيل عمليّة الصعود إلى جُزئها العُلويّ، وفي أثناء الصعود يَمرُّ الدرج بستّ غُرَف طابقيّة، كما أنّ الجدران الأربعة الخارجيّة للصومعة مُزيَّنة بزخارف ونقوش تتَّخذ النَّمط الأندلسيّ من القرن الثاني عشر، ومن الجدير بالذكر أنّه قد تمّ بناء مسجد حسّان على مساحة هكتارَين ونصف الهكتار، ليكون بذلك أكبر المساجد، وأضخمها مساحة في المغرب؛ إذ وَصَل طوله إلى 180 متراً، وبلغ عَرْضه 140 متراً.[٣]
وقد شُيِّد المسجد من الحجر الصلب، وهذا إنّ دلَّ على شيء، فإنّه يدلّ على مدى اهتمام المُوحّدين، ومَن سبقوهم من المُرابِطين، بعنصر الضخامة، والبساطة، وعلى الرغم من ذلك، فإنّ المسجد لا يخلو من الزخارف، والنقوش، حيث زُيِّنت المئذنة بنقوش تتَّخذ النَّمَط الأندلسيّ، أمّا قاعة الصلاة، فتبلغ مساحتها أكثر من 1932 متراً مُربَّعاً، وهي مساحة لم تكن لقاعات الصلاة في المساجد الأُخرى مثلها في ذلك الوقت، كما اختِيرت أن تكون الأعمدة من الحجر والرخام؛ لضمان متانة السقوف، وتحمُّلها، حيث يتراوح ارتفاع أعمدتها المُستديرة من 3.25م إلى 6.5م.[٣]
ولمسجد حسّان 16 باباً، تنقسم إلى ستّة أبواب في الجانب الغربيّ، وأربعة أبواب في الجانب الشرقيّ، وبابان في الجانب الجنوبيّ، وأربعة منها في الجانب الشماليّ، إضافة إلى أنّه كان لبعض أبواب المسجد درجات يصعدون إليها عَبْرها، وقد اختلفت المصادر التاريخيّة فيما بينها حول تسقيف المسجد، فبعضها يقول إنَّ المسجد قد تمّ تسقيفه، إلّا أنّه انهار بعد الزلزال، أو قبله؛ بفِعل عوامل التعرية، بالإضافة إلى الإهمال الذي لَحِق بالمسجد، والبعض الآخر نفى تسقيف المسجد، إلّا أنّ القول الراجح هو أنَّه قد تمّ تسقيف بعض أجزاء المسجد قَبل أن تتوقَّف أعمال البناء فيه.[٣]
وممّ يجدرُ ذِكره أنّ أسوار المسجد بُنِيت من الجصّ، والقليل منها بُنِي من الحجارة؛ ممّا جعل الأسوار تتلاشى؛ بفِعل عوامل الطبيعة عبر الزمن، وقد كان مسجد حسّان مُحاطاً بسُور مُزدوَج، إلّا أنّ السُّور الداخليّ سقطَ، وبَقِي السُّور الخارجيّ مائلاً، علماً بأنَّ المسجد قد تمّ بناؤه من قِبَل سبعمئة أسيرٍ من الفرنجة الذين أسرهم السلطان يعقوب المُوحّدي في حروبه، وعلى الرغم من عدم اكتمال بناء المسجد، إلّا أنَّ بعض المُؤرِّخين وصفوه بأنّه أجمل المساجد، وأفخمها شكلاً.[٣]