وقت صلاة الضحى
عناصر المحتوي
مقالات قد تهمك
كيفية اداء صلاة الضحى وحكمها تعرّف صلاة الضحى اصطلاحاً بأنها الصلاة التي تؤدّى فيما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها، ويُقصد بزوال الشمس: أي ميلها عن وسط السماء نحو الغرب،[١] أما معنى الصلاة والضحى في اللغة فهو كما يأتي:[٢][٣]
- الصلاة::
- لغة: الدعاء.
- اصطلاحاً: هي عبادةٌ لله -عز وجل- مكوّنةٌ من أركانٍ مخصوصةٍ، وشروطٍ محصورةٍ، وأذكارٍ معلومةٍ.
- الضحى:
- لغة: مفرده ضحوة، وهو انبساط الشمس وامتداد النهار إلى أن يصفو ضوؤها، ويتبعه الضَحاء، وهو ارتفاع الشمس إلى ربع السماء فما بعده.
وقت صلاة الضحى
إن وقت صلاة الضحى يبدأ بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، أي بعد خمس عشرة دقيقة تقريباً، وينتهي قبيل الزوال، وهذا ما نص عليه الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية، وأفضل وقتٍ لأدائها وهو وقت الاستحباب عند علوّ الشمس واشتداد حرّها، ولا خلاف بين الفقهاء في ذلك، واستدلّوا بما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ)،[٤][٥][٦] أي حين تشتد حرارة الشمس، والفصال هي أولاد الإبل،[٧] ويُعلم من ذلك أن آخر وقتها قبيل الزوال، ويسمّى بقائم الظهيرة، وهو الوقت الذي نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة فيه لأنه وقت كراهة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتَّى تَغْرُبَ)،[٨] وقد قدّره بعض العلماء بنحو عشر دقائق قبل دخول وقت صلاة الظهر.[٩]
حكم صلاة الضحى
إن صلاة الضحى نافلةٌ مستحبّةٌ، وهذا ما اتّفق عليه فقهاء المذاهب الأربعة: الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة، واستدلوا على قولهم بما رواه الصحابي أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى)،[١٠] ولكن قال بعض فقهاء الحنابلة بعدم استحباب المحافظة عليها حتى لا تشتبه بالفرائض والواجبات، حيث رُوي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يصلِّي الضُّحَى حتى نقولَ: لا يَدَعُها، ويَدَعُها حتى نقولَ : لا يصلِّيها).[١١][٣][١٢]
حكم صلاة الضحى في حق النبي
لا بُد من الإشارة إلى أن أهل العلم قد اختلفوا في حكم صلاة الضحى في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان اختلافهم وتفصيله فيما يأتي:[١٢][٣]
- الجمهور: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بأن صلاة الضحى ليست واجبةً في حقّ النبي صلى الله عليه وسلم.
- الشافعية: خالف فقهاء الشافعية الجمهور؛ فقالوا إن صلاة الضحى من الأمور الواجبة بحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقط، وأقل ما فُرض عليه منها ركعتان.
فضل صلاة الضحى
رُويت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على عِظم فضل صلاة الضحى ومكانتها، منها ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، إذ قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ)،[١٣] ورُوي أيضاً عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أنه رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقالَ: (أَما لقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلَاةَ في غيرِ هذِه السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ)،[١٤][٦] ومما يدل على فضل صلاة الضحى ما رواه أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى)،[١٥] والسّلامى هي التعظام والأعضاء في جسم الإنسان، وقوله في الحديث: “ويجزئ عن ذلك”؛ أي يسدّ عن ذلك ويقوم مقامه أداء ركعتي صلاة الضحى، وفي ذلك فضلٌ عظيمٌ ظاهرٌ لصلاة الضحى.[١٦]
ووصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصلاة الضحى لأبي هريرة وأبي الدرداء -رضي الله عنهم- تدلّ على عظم فضلها، لا سيّما أن النبي إذا أوصى أحداً فحينئذٍ وصيّته لجميع الأمة كذلك، إذ لم يرد تخصيص في ذلك، وممّا ورد في فضلها ما جاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صلَّى الغداةَ في جماعةٍ ثم قعد يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلَّى ركعتيْنِ كانت لهُ كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ)،[١٧] قال المباركفوري رحمه الله: “قوله: (ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ)، أي: بعد طلوع الشمس”،[١٨] وهي تدلّ على صفة جميلة في العبد، وهو أنه أوّاب؛ أي كثير الرجوع إلى الله عز وجل، لا سيّما إذا صلّاها في آخر وقتها؛ وهو الوقت المستحب كما وُضِّح سابقاً، وصلاة الضحى صلاةٌ تشهدها الملائكة، يدلّ على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن عبسة رضي الله عنه: (صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفِعَ… فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ).[١٩]
عدد ركعات صلاة الضحى
اتّفقت المذاهب الفقهية الأربعة؛ المالكية، والشافعية، والحنبلية، والحنفية على أن أقل عددٍ لركعات صلاة الضحى ركعتين، واستدلوا على ذلك بالحديث الذي رواه أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره، كما أنه لم يُنقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه صلّى الضحى أقل من ركعتين، بالإضافة إلى أنّ أقل ما يشرع في الصلاة ركعتين باستثناء صلاة الوتر، ولذلك فلا يجوز التطوّع بركعةٍ واحدةٍ، وتجدر الإشارة إلى أن أهل العلم اختلفوا في تحديد أكثر عددٍ لركعات صلاة الضحى، وفيما يأتي بيان أقوالهم:[١٢][٥]
- القول الأول (جماعة من السلف الصالح): أكثر عددٍ لصلاة الضحى أربع ركعات.[٢٠]
- القول الثاني (المالكية والحنابلة والشافعية على المعتمد): ثماني ركعات؛ حيث استدلوا على قولهم بما رُوي عن أم هانئ -رضي الله عنها- أنها قالت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم يومَ الفَتْحِ صلّى سبحة الضحى ثمانِي ركعاتٍ يسلّمُ من كل ركعتينِ)،[٢١] والحديث يدل على أن أكثر ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثماني ركعات، والأصل في العبادة التوقّف، وقد صرّح المالكية بكراهة ما زاد عن ثماني ركعات، إلا في حال كانت نية المُصلّي النفل المطلق.
- القول الثالث (الحنفية): اثنتا عشرة ركعة، واستدلوا على قولهم بما رواه الترمذي والنسائي بسندٍ ضعيفٍ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن صلَّى الضُّحى ثنتي عشرةَ ركعةً بنى اللهُ لهُ قصرًا من ذهبٍ في الجنَّةِ)،[٢٢] وقد بيّن ابن عابدين نقلاً عن شرح المنيّة جواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، وذكر الحصكفي من الحنفية أن أوسط صلاة الضحى وأفضلها ثماني ركعات، وقد ثبت ذلك بفعل وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما أكثرها فقد ثبت بقوله فقط.
- القول الرابع (ابن جرير الطبري وابن عثيمين وابن باز): لا حدّ لأكثر صلاة الضحى، واستدلوا على قولهم بما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بسندٍ صحيحٍ أنها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ اللَّهُ).[٢٣]
كيفية أداء صلاة الضحى
اختلف أهل العلم في صفة صلاة الضحى؛ أي كيفية أدائها، واختلافهم على النحو الآتي:[٢٠]
- جمهور الفقهاء: ذهب جمهو الفقهاء إلى أنها تؤدى مثنى مثنى؛ والمقصود أي أن يسلّم المصلي بعد كل ركعتين، واستدلوا بذلك لما جاء في حديث أم هانئ -رضي الله عنها- حيث قالت: (يسلّمُ من كل ركعتينِ).[٢١][٢٤]
- الحنفية: خالف الحنفية الجمهور؛ حيث قالوا بأنها تؤدى أربع ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ.
أما بالنسبة لما يُقرأ فيها؛ فيقرأ المصلّي ما تيسّر من سور القرآن الكريم بعد سورة الفاتحة، سواء أكانت سورة قصيرة أم طويلة أم آيات من القرآن الكريم، فلا يلزم تخصيص سور بعينها، فقراءة ما بعد الفاتحة سنة من السنن، أما الفاتحة فواجبة،[٢٥][٢٦] وقد ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب قراءة سور معينة فيها:[٢٠]
- القول الأول (الشافعية): ذهب الشافعية إلى استحباب قراءة سورتي الكافرون والإخلاص، لأن الإخلاص تعدل نصف القرآن، والكافرون تعدل ربعه.
- القول الثاني (الحاكم والزرقاني وغيرهم): ذهب بعض أهل العلم إلى مشروعية قراءة سورتي الشمس والضحى في صلاة الضحى، واستدلوا بالحديث الذي رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بسندٍ ضعيفٍ أنه قال: (صلُّوا رَكعتيِ الضُّحى بسورتَيهِما والشَّمسِ وضُحاها والضُّحى).[٢٧]
لكن يُعلم كذلك مما سبق أن في الأمر سعة، ومن صفة صلاة الضحى أنها صلاةٌ سرّية لا يُجهر بالقراءة فيها، لأن الصلاة النهاريّة سرية، ولا يوجد دليلٍ على الجهر فيها، لا سيّما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يجهر فيها.[٢٠]
حكم قضاء صلاة الضحى
اختلف أهل العلم في تعلّق القضاء في النوافل كما تتعلق في الفرائض، واختلافهم على النحو الآتي:[٢٠][٢٨]
- الشافعية والحنابلة: ذهبوا إلى أن المندوب من الأعمال يُقضى إذا فات وقته المحدّد، ففي حال فوات نافلةٍ مؤقتةٍ فإنها تُقضى مطلقاً، وبيّنوا أن قضاء السنّة سنّة كما إن قضاء الواجب واجب، واستدلوا على قولهم بالقياس على الواجب، واستدلوا على رأيهم بما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من نامَ عن صلاةٍ أو نسيَها فليصلِّها إذا ذَكرَها، فإنَّ ذلِكَ وقتُها).[٢٩]
- الحنفية والمالكية: قالوا أن القضاء لا يتعلّق بالمندوب، لأن القضاء محصورٌ بالواجب، واستثنى بعض علماء الحنفية السنّة المؤكّدة كسنة الفجر، واستدلوا على رأيهم بذلك لعدم وجود الدليل، ولأن السنن لا تقضى إلا في حال ورود دليلٍ على القضاء.
أسماء صلاة الضحى
تجدر الإشارة إلى أن لصلاة الضحى العديد من الأسماء؛ منها صلاة الأوّابين، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ)،[٤] وترمض من الرمض؛ ويقصد بها الرمال شديدة الحرارة، أما الفصال فهي صغار الإبل؛ قال النووي رحمه الله: “أي حين يحترق أخفاف الفصال وهي الصغار من أولاد الإبل -جمع فصيل- من شدة حر الرمل”، وأوّاب بمعنى طائع لله سبحانه وتعالى، ومن أسمائها صلاة الأبرار،[٢٠][٣٠] وصلاة الشروق إذا صُلّيت بعد الشروق، أي بعد ارتفاع الشمس بمقدار رمح،[٣١] وهو يقدّر بنحو ربع ساعة تقريباً، أو أكثر أو أقل بقليل،[٣٢] ومما يدلّ على أهمية صلاة الضحى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالمحافظة على أدائها، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ).[١٣][٣٣]